موريتانيا.. آفاق الحوار السياسي المرتقب في ظل التهدئة

يتطلع الموريتانيون في غضون أسابيع لبدء جلسات حوار سياسي بين غالبية الأحزاب الممثلة في البرلمان والحكومة.

2021-03-04 08:48:20
Mauritania

نواكشوط / محمد البكاي/ الأناضول

مراقبون موريتانيون:

- فرص نجاح مبادرة الحوار التي تقدمت بها "منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان" كبيرة جدا

- غياب حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" المعارض سيعطي صورة لما ستؤول إليه الساحة السياسية

- ترجيحات بأن يشارك الحزب في الحوار ولو بشروط تتعلق بتعديلات خفيفة في محتوى الوثيقة التي قدمتها المنسقية

- ما يؤمل من الحوار تحقيق مكاسب مشتركة لا تصنف لصالح طرف أو آخر

يتطلع الموريتانيون في غضون أسابيع لبدء جلسات حوار سياسي بين غالبية الأحزاب الممثلة في البرلمان والحكومة.

وأعلنت "منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان" (تضم 12 أحزابا من المعارضة والموالاة) في 24 فبراير/ شباط الماضي في وثيقة لها طرح خارطة طريق لتنظيم حوار سياسي مع الحكومة.

ويعتبر هذا الحوار (أو التشاور كما ترغب الحكومة في تسميته) هو الأول من نوعه منذ انتخاب الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني منتصف 2019 الذي عمد إلى التهدئة مع القوى السياسية وحرص على عقد لقاءات مع معظم قادة أحزاب المعارضة في خطوة دفعتها للإعلان عن منح النظام الجديد "فرصة للإصلاح".

وتأمل أحزاب المعارضة أن يفضي الحوار المرتقب إلى حلحلة عدد من الملفات وإشراكها في تسيير البلد بعد سنوات من الإقصاء طيلة فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز (2009-2019).

المعارضة اتهمت ولد عبدالعزيز بتزوير الانتخابات الرئاسية التي أجراها في 18 يونيو/ حزيران 2009 وأفضت إلى فوزه بعد الانقلاب العسكري الذي قاده في البلاد وأطاح بالرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع.

** بنود الحوار

ووفق وثيقة منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان، فإن مواضيع الحوار ستركز على "المسار الديمقراطي، والإصلاحات الدستورية والتشريعية، وتعزيز دولة القانون، وتطبيع الحياة السياسية، ومعالجة إشكالية الرق ومخلفاته، ومكافحة الفساد، وإصلاح القضاء، والإصلاح الإداري والعقاري، وحماية المصالح العليا للبلد".

وأشارت إلى أن الحوار سيكون على مرحلتين الأولى ستبدأ بإعلان رئيس الجمهورية أو من يُفوّضه، عن الدعوة للتشاور الوطني، ثم تشكيل لجنة تحضيرية للحوار تتفق عليها القوى السياسية المشاركة.

وأكدت الوثيقة، على ضرورة الانتهاء من المرحلة الأولى خلال 3 أو 4 أسابيع، فيما تستمر المرحلة الثانية 5 أو 6 أسابيع، والتي تقوم على جلسات للتشاور.

ومن الأحزاب السياسية الموقعة على الوثيقة: حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم (89 نائبا من أصل 157 مجموع أعضاء البرلمان)، وأحزاب "التحالف الوطني الديمقراطي" (4 نواب)، و"تكتل القوى الديمقراطية" (3 نواب)، و"اتحاد قوى التقدم" (3 نواب)، وحزب "الصواب" (3 نواب).

فيما غاب عن الاجتماع الذي صدرت الوثيقة عقبه حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (إسلامي) وهو أكبر أحزاب المعارضة وثاني أكبر حزب سياسي ممثل في البرلمان بعد الحزب الحاكم بـ14 نائبا، بحسب مراسل الأناضول.

وحذر محمد محمود ولد سيدي رئيس الحزب في بيان "من تبعات فشل أي حوار في هذه المرحلة الخاصة جداً"، مشيرا إلى أن الموريتانيين سئموا من الفشل المستمر للحوارات المرتجلة والتحكم المسبق في موضوعات ومخرجات الحوار".

وشدد ولد سيدي، على أن أي حوار جاد "يجب أن يتأسس على أرضية صحيحة قوامها الشفافية ومرتكزها استيعاب جميع الفاعلين السياسيين والمدنيين في البلاد".

وقال: "التمثيل في البرلمان يجب ألا يكون شرطاً في المشاركة أو في التحضير لأي حوار سياسي وطني، لا سيما أن حزبين مهمين من بينهما ثاني أكبر تمثيل برلماني ليسا ضمن العنوان الذي يتسمى بذلك الاسم".

وطالبت المعارضة الموريتانية مرارا بعقد حوار سياسي مع الحكومة يهدف إلى عدم إقصائها من التعيينات والمناصب العليا، وتمثيلها في لجنة الانتخابات والمجلس الدستوري.

وفي 30 يناير/كانون الماضي قال رئيس الوزراء محمد ولد بلال، إن حكومته لا تمانع انعقاد حوار سياسي مع المعارضة، لكنه ربط ذلك بتوفر "الظروف المواتية".

.** فرص نجاح كبيرة

ويرى مراقبون موريتانيون أن فرص نجاح مبادرة الحوار التي تقدمت بها "منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان" كبيرة جدا، نظرا لحالة الهدوء السياسي في البلد التي أعقبت وصول الرئيس الحالي ولد الغزواني للسلطة.

وقال المحلل السياسي سيدي أحمد ولد محمدو للأناضول، إن جلسات الحوار المرتقب "ستفضي إلى تفاهمات بين السلطة والمعارضة".

وتوقع ولد محمدو، أن يتفق المشاركون في الحوار على "إجراءات تتضمن تحصين المنظومة الانتخابية، بالإضافة إلى تعهد الحكومة بمكافحة الفساد وإرسال رسائل إيجابية للقوى السياسية المعارضة بشكل خاص".

ولم يستبعد أن تنتقل بعض الأحزاب السياسية بعد هذا الحوار "من صف المعارضة إلى الموالاة بدعوى حل بعض الإشكالات وأنه لم يعد هناك مبرر لمعارضة النظام".

وأضاف ولد محمدو:" الراجح أن الحوار المرتقب سيفضي إلى تفاهمات محددة بين أغلب الأحزاب السياسية والسلطة باستثناء حزب (التجمع الوطني للإصلاح والتنمية) الذي اختار النأي بنفسه عن منسقية الأحزاب التي طرحت مبادرة الحوار".

** بداية تمايز سياسي

ورأى ولد محمدو، أنه في حال رفض "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" المشاركة في الحوار المرتقب فإن ذلك قد يكون بداية تمايز سياسي واضح في البلاد".

وتابع :"غياب الحزب سيعطي صورة لما ستؤول إليه الساحة السياسية من تمايز أطراف سياسية مشاركة في الأغلبية الداعمة للرئيس ولد الغزواني وداعمة لمساره، وأحزاب أخرى معارضة يتصدرها "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية"، مشيرا إلى أن هذا التمايز "بدأ فعلا مع بداية هذا الحوار وقد يتطور أكثر".

لكن الصحفي أبوبكر أحمدو الإمام، استبعد مقاطعة حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" للحوار المرتقب.

ورجح في حديث للأناضول أن يستجيب الحزب للمشاركة في الحوار "ولو بشروط تتعلق بتعديلات خفيفة في محتوى الوثيقة التي قدمتها منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان"، خصوصا أنه دعا أكثر من مرة للحوار.

وأضاف أحمدو الإمام:"اعتقد أن مبادرة الحوار الحالية التي قدمتها تنسيقية الأحزاب الممثلة في البرلمان أمام فرص نجاح كبيرة، رغم أن حزب (التجمع الوطني للإصلاح والتنمية) لم يكن ضمن الموقعين عليها".

ولفت إلى أن "سياق مبادرة الحوار اليوم يختلف عن سياق المبادرات المماثلة في منتصف العقد المنصرم الذي اتسم بحالة من فقدان الثقة بين السلطة والمعارضة".

وتابع أحمدو الإمام:"ما يؤمل من الحوار تحقيق مكاسب تتعلق بتحقيق الإجماع حول القضايا الوطنية الكبرى وتأسيس دولة القانون والعدل والمساواة، وبالتالي فهي مكاسب مشتركة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لا تصنف في إطار المكاسب السياسية لهذا الطرف أو ذاك".