كوزليتش.. بوسني يتحدى فقد البصر بتصنيع مجسمات خشبية

البوسني مفيد كوزليتش:- فقدت عيني اليمنى في طفولتي ثم فقدت اليسرى في شبابي- أشعر بالراحة وأنا في ورشتي ولا أفكر سوى في تفاصيل المجسمات الخشبة على شكل المساجد التي أصنعها- تعلقت بالأخشاب منذ طفولتي وكنت أحب صنع أشياء منها

2021-01-24 09:14:25
Bosnia and Herzegovina

زينيتسا/ بلال إيساكوفيتش/ الأناضول

رغم فقدانه حاسة البصر تمكن مفيد كوزليتش من مدينة زنيتشا في البوسنة، من التشبث بالحياة وتحدى إعاقته بصناعة مجسمات خشبية.

حول كوزليتش قبو منزله في قرية فوكوتيتشي إلى ورشة ليصنع فيها مجسمات مساجد خشبية ويبيعها منذ 13 عامًا.

فقد كوزليتش 50% من قدرته على الإبصار بعينه اليمنى جراء حجر أصابها أثناء لعبه مع أحد زملائه في المدرسة ثم فقدها تماماً وهو في سن الخامسة والعشرين بسبب تمزق في الشبكية.

بدأ كوزليتش عمله في ورشة النجارة بعد حرب البوسنة، ثم فقد عينه اليسرى نتيجة تمزق الشبكية أيضًا عام 2007.

وفي حوار مع مراسل الأناضول قال كوزليتش (50 عاماً) إنه من الصعب للغاية أن يفقد المرء إحدى عينيه في سن مبكرة.

وأضاف "كنت أرى بإحدى عينيّ فقط. ورغم كل الصعوبات التي واجهتها استطعت إتمام مدرستي المتوسطة، ولكني لم أستطع مواصلة التعليم".

وأوضح كوزليتش أنه لم يذهب للتجنيد بسبب ما حدث لعينه اليمنى وقتها، ثم تزوج وبدأ العمل في النجارة بعد حرب البوسنة (1992- 1995).

وأفاد كوزليتش أن حياته قد تغيرت بعد تمزق شبكية عينه اليسرى في 2007.

وتابع "أجريت تسع عمليات جراحية، ولكن لم ينجح أي منها. حتى فقدت عيني الاثنتين".

وأعرب كوزليتش عن مدى صعوبة أن ينتقل من عالم يمكنه الاستمتاع فيه برؤية ألوان الطبيعة وجمالها إلى عالم مظلم.

- تعلقت كثيرًا بالأخشاب منذ طفولتي

وعبر كوزليتش عن اهتمامه بالأعمال الخشبية منذ طفولته قائلًا "أحب رائحة الأخشاب وصنع أشياء منها".

وأكد كوزليتش على صعوبة عمله في النجارة وهو فاقد للبصر، وأنه يفخر لكونه أصبح محترفًا في عمله الذي بدأه على قطع الحطب الصغيرة.

وأضاف أنه تعرف على آلات النجارة في الفترة التي لم يكن قد فقد بصره بالكامل.

وأردف "بعد أن فقدت بصري حفرت في مخيلتي صورة الأشياء التي ألمسها. فعندما ألمس المنشار أو المطرقة، أقوم برسم صورتها في ذهني، الألوان فقط هي التي لا يمكنني الشعور بها".

وأوضح كوزليتش أنه كان يصنع مجسمات لمساجد خشبية من قبل، وأنه يعرف شكل القبة والمآذن جيداً، بينما يصنع الأبواب والنوافذ بالشكل الذي يحدده هو وفق قدرته على استخدام الماكينات.

وأشار إلى أنه كان يصنع كل شيء باستخدام المشرط قبل استخدام التحول لاستخدام الماكينات.

وتابع "بدأ كل شيء على سبيل الهواية، وكان كل هدفي هو تمضية الوقت عن طريق الانشغال بفعل شيء".

- تفاصيل الأشياء تبعد عنه الأفكار السلبية

وأضاف أنه بدأ يصنع مجسمات لمساجد أجمل مع مرور الوقت وأن الناس بدأوا يقبلون على شرائها ولذلك كان عليه شراء ماكينتين جديدتين حتى يمكنه تسليم الطلبات المتزايدة في وقتها.

وأشار كوزليتش إلى هدية قدمها له صديق من الخارج عبارة عن مواد للرسم على طريقة برايل، وأن هذه الهدية سهلت مهمته في العمل.

وقال "بعض الناس يستريحون عند سماع الموسيقى، والبعض الآخر يلجأ إلى مشاهدة التلفاز. أما أنا فأجد راحتي في قضاء الوقت في ورشتي".

كما أكد كوزليتش أنه لم يسأل نفسه قط لماذا حدث ما تعرض له في الماضي.

واستطرد "إن هذا التساؤل من شأنه أن يضر بحالتي النفسية. وكل ما أفكر فيه عندما أكون في ورشتي هو تفاصيل المسجد الذي أقوم بصنعه، وكيف تكون الجدران والمئذنة؟ ولا وقت لدي للتفكير في أمور أخرى".

وقال كوزليتش إنه سجّل كل ملاحظاته في رأسه وليس على الورق.

وأضاف " نحن فاقدو حاسة البصر يمكننا القراءة والكتابة والعمل. والله يبتلينا بأمور مختلفة ولكنه يتيح لنا أيضا الحلول لكل ذلك".