مصر.. استقالة محافظ البنك المركزي وسط أزمة نقدية

- اجتماع عدة أسباب ضيقت الخناق على البنك المركزي المصري- الاستقالة تأتي بالتزامن مع مباحثات جارية مع صندوق النقد

2022-08-18 12:13:46
Istanbul

إسطنبول / الأناضول

غادر محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، أسوار أحد أهم المؤسسات السيادية التي أعادت رسم السياسة النقدية في مصر، ثالث أكبر اقتصاد عربي.

عامر، الذي شغل منصب المحافظ منذ عام 2015، وتم تعيينه لولاية ثانية بعد أربع سنوات؛ واجه ضغوطا مؤخرا، بعد أن سحب المستثمرون الأجانب قرابة 20 مليار دولار من أسواق الديون المحلية (الأموال الساخنة).

كذلك، واجه المحافظ المستقيل مصير إمدادات الغذاء لأكثر من 100 مليون مصري، وسط ارتفاع أسعار السلع عالميا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع كلفة الواردات بـ 90 بالمئة هذا العام، إلى متوسط شهري 9.5 مليارات دولار.

النقد الأجنبي المتناقص في مصر، تصدّى له عامر بمجموعة إجراءات للحفاظ على السيولة الأجنبية داخل الأسواق المحلية، إلا أنها واصلت تخارجها بسبب ارتفاع المخاطر العالمية.

** ضحية الحرب

والحقيقة، أن مصر كانت ضحية للحرب الروسية الأوكرانية هذا العام، وقبل ذلك، ضحية لسياسات اشترك في وضعها البنك المركزي والحكومة، بعد أن وجدتا من أدوات الدين مصدرا لتوفير النقد الأجنبي.

المحافظ المستقيل، غادر البنك المركزي، لكنه دخل قصر رئاسة الجمهورية مستشارا للرئيس عبد الفتاح السيسي، ما أثار تساؤلات حول كواليس الاستقالة والتعيين.

** مباحثات الصندوق

تأتي الاستقالة في وقت تخوض مصر مباحثات مع صندوق النقد الدولي، مباحثات للحصول على قرض مالي لم تعلن قيمته الحقيقية، لكن بنوك استثمار أمريكية قدرته بـ 15 مليار دولار.

ويطالب الصندوق بإصلاحات كبيرة قد تؤثر على استقرار المجتمع المحلي، لأنها تطال الدعم، وقد تمتد -وفق مراقبين- إلى تعويم ثان للعملة المحلية (الجنيه).

طارق عامر، كان من يقود دفة التعويم الأول للجنيه في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، وهو قرار لم تحقق منه مصر كامل ما طمحت له، فعلى الرغم من إنهاء السوق الموازية للعملات، إلا أنها أبقت الجنيه عند مستويات بعيدة عن السعر قبل التعويم.

** أسعار الصرف

قبل الحرب الروسية الأوكرانية كان سعر الدولار 15.6 جنيها، مقابل 8.88 جنيهات قبل التعويم، واليوم يبلغ سعر الصرف 19.1 جنيها لكل دولار.

وعلى الرغم من نجاح عامر في الحفاظ على سعر صرف عند 15.6 جنيها طيلة السنوات الخمس الماضية، إلا أن مخاطر الاعتماد على الأموال الساخنة، انفجرت اليوم في وجه الاقتصاد المصري.

وأبدى طارق عامر في أكثر من مناسبة في اجتماعات اقتصادية لدى صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، فرضية تحريك أسعار الصرف، وهو على ما يبدو مطلب للصندوق اليوم، كشرط رئيس للموافقة على قرض مالي.

وقد تكون الاستقالة، نتيجة طبيعية لخلافات لم تظهر للعلن حتى اليوم، داخل مطبخ السياسة النقدية تحت قبة البنك المركزي، والسياسية المالية والتي ترسمها وزارة المالية والحكومة.

هذه الخلافات، تظهر في غياب علنية المحادثات بين مصر وصندوق النقد، ما يرجح لوجود خلافات حادة بشأن كلفة الإصلاحات المقدمة من الحكومة والمقترحة من جانب الصندوق.

اليوم، تملك مصر احتياطات للنقد الأجنبي تقترب من 33.5 مليار دولار، لكن إجمالي استثمارات دول الخليج (ودائع) في البنك المركزي المصري، تتجاوز 14 مليار دولار.

أمام هذا المشهد الخاص بمستقبل السياسة النقدية في مصر، اكتفى عامر في استقالته بالقول، إن مغادرته تعود لضخ دماء جديدة تحمل المسؤولية.