عازف سوري: الموسيقى تكسر الحواجز بين المجتمعات

الموسيقي أدهم غيث: أعزف على آلة العود ولاحقا بحكم قرب اللاذقية من تركيا كنا نسمع من التلفزيون والراديو الموسيقى التركية

2021-10-19 10:01:12
İstanbul

إسطنبول / محمد شيخ يوسف / الأناضول

الموسيقي أدهم غيث:

ـ أعزف على آلة العود ولاحقا بحكم قرب اللاذقية من تركيا كنا نسمع من التلفزيون والراديو الموسيقى التركية

- كنت أسمع آلة ولا أعرفها وهي البزق، تعرفت عليها بعمر 17 عاما، وتعلمت العزف عليها

- في المعهد العالي للموسيقى بدمشق هناك أكثر من أستاذ يتبنى المدرسة التركية في العزف على آلة العود

الموسيقى تكسر الحواجز، وتجعل الناس تحب بعضها، فكيف إن كانت تجمع أبناء منطقة واحدة، هكذا وصف العازف السوري أدهم غيث (33 عاما) تجربته الموسيقية في بلده وتركيا.

الشاب السوري انتقل قبل 7 سنوات للعيش في تركيا، حاملا معه ثقافة وتراثا موسيقيين، استمر بهما في تركيا، وعزز علومه بالاحتكاك مع الموسيقى التركية.

ولا يجد غيث مشكلة في التواصل مع نظرائه طالما أن الموسيقى هي اللغة، ويطمح لمشاريع تعزز من الأخوة التركية السورية، خاصة أنهم عاشوا لقرون طويلة في دولة واحدة.

وعبر آلتي العود، والبزق المعروفة في تركيا "باغلاما/ ساز"، يواصل حياته في إسطنبول بتدريس طلاب بمختلف الأعمار، فضلا عن تدريس الموسيقى في إحدى المدارس الدولية.

** الموهبة والنشأة

غيث تحدث للأناضول، عن قصته وحكايته بالقول: "نشأت في عائلة موسيقية، والآلات كانت متاحة عندي دائما، لم تكن غريبة علي، تعلمت العزف على العود وبعده على الآلات الثانية، وبتشجيع من الأهل والأقارب تابعت التعلم والعزف".

وأضاف: "البدايات كانت منذ الطفولة وكنت بجو العائلة التي تغني وتعزف، وربما بعمر 8 سنوات، وكانت مجرد هواية وحب لاستكشاف الموسيقى والآلات".

وأردف: "بعمر 15 عاما اتجهت لمعهد البيت العربي للموسيقى في اللاذقية، وبقيت فيه 5 سنوات، وبعدها درست في المعهد المتوسط الموسيقي، وكنت الخريج الأول فتابعت بكلية الموسيقى في حمص".

وتابع: "الدراسة والتخصص هو النظريات الموسيقية والتأليف والتوزيع، وهو جانب كنت مهتما به لأنه جانب موسيقي عام غير العزف، وهو تأليف الموسيقى التي تعتبر لغة عالمية، الموسيقى تخلق نوعا من التقارب بين الشعوب".

** الحالة الموسيقية بسوريا

غيث تحدث عن الحالة الموسيقية في سوريا، قائلا: "أعزف على آلة العود بدأت بها، ولاحقا بحكم قرب اللاذقية من تركيا كنا نسمع من التلفزيون والراديو الموسيقى التركية".

واستدرك: "كانت نوعا من الثقافة التي لم تكن غريبة عنا، كنت أسمع آلة ولا أعرفها كثيرا وهي البزق، تعرفت عليها بعمر 17 عاما، حيث تعلمت العزف عليها وهي آلة تركية، لم تكن منتشرة باللاذقية ولكن صوتها مسموع".

وزاد: "أكراد سوريا يعزفون عليها بكثرة ولكن باللاذقية لم تكن سائدة، ولكن أحببتها وتعلمت عليها، وخلال الدراسة تعرفت على بقية الآلات البيانو والغيتار وبعض الآلات النفخية والإيقاعية بما يخص الدراسة، ولكن الآلة الأساسية هي العود والبزق".

** المدرسة الموسيقية التركية

غيث تابع الحديث عن الوضع الموسيقي، مردفا "بعد التقارب السوري التركي عام 2003، كانت هناك زيارات عائلية وتسهيلات، انتشرت الثقافة الموسيقية التركية في سوريا بشكل واسع، وباتت هناك مدارس موسيقية تركية ضمن المدارس العربية".

وأردف: "مثلا في المعهد العالي للموسيقى بدمشق هناك أكثر من أستاذ يتبنى المدرسة التركية في العزف على آلة العود مثلا، وفي كلية الموسيقى أيضا، وهو ما يعني أن الثقافة الموسيقية التركية كانت منتشرة".

وتابع: "كنت أعرف عازفي موسيقى أتراكا تعلمت على أيديهم قبل القدوم إلى تركيا، منهم يوردال توكجان، وغوكسيل باكتغير وهما موسيقيان من الأوائل في تركيا، وقابلتهم في الجامعة بتركيا".

وزاد: "في إحدى المرات زارنا في الجامعة الأستاذ يوردال، وعملنا ورشة عمل فكان هناك تأثير الموسيقى العربية والتركية، فمثلا المحافظات الجنوبية في تركيا تسمع بها ألحان عربية، وبالمقابل المدن الشمالية السورية تسمع بها ألحان تركية".

** تطوير الموسيقى بتركيا

الشاب السوري شرح مرحلة قدومه إلى تركيا، بالقول: "سبب قدومي مثل وضع أغلب السوريين بسبب الحرب والوضع السائد في البلاد، بعد وصولي بت أمام فرصة تاريخية لأتعرف عن قرب على الموسيقى والموسيقيين الأتراك الذين أحبهم".

وأضاف: "بدأت بالبحث أكثر بالبزق وأساليب دراستها وعزفها، وأحضرت كتبا ومناهج تركية لم تكن متاحة في سوريا، وتعرفت على الآلة أكثر وأن هناك أكثر من نوع لها".

واستطرد: "وسعت من معارفي حول هذه الآلة وأصبحت على اتصال مباشر مع الموسيقى التركية، حيث يمكن رؤية النوتات، وحضور الحفلات ومقابلة الموسيقيين".

واستكمل: "عملت في تدريس وتعليم الموسيقى للأطفال والكبار، وحاليا أعمل في مدرسة دولية مدرسا للموسيقى".

** تشابك الموسيقى التركية والعربية

وحول الفروق الموسيقية وتأثيرها وتداخلاتها، أفاد غيث: "من عام 1517 وحتى العام 1916، عاش العرب والأتراك بنفس المكان والمنطقة بحكم الدولة العثمانية، وطبيعي أن يكون هناك تقارب بالموسيقى وبالعادات والتقاليد بحكم العيش المشترك".

وأردف: "التقارب في المقامات الموسيقية موجود وبالأنغام (..) الموسيقيون الأتراك في السبعينيات والثمانينيات أخذوا من بعض النماذج المصرية، والعكس صحيح".

وتابع: "التقارب الموسيقي بين العرب والأتراك موجود منذ زمن طويل بحكم أننا كنا شعوبا مختلفة بدولة واحدة اللغات مختلفة ولكن دولة واحدة فطبيعي أن تكون الموسيقى نفسها بنفس المقامات".

وزاد: "التبادل الموسيقي التركي العربي واضح في أكثر من مثال، حيث كانت هناك مقدمة لأغنية أم كلثوم عملت عليها أغنية للمطربة سيبال جان، وهناك أغنية لفيروز باتت مقدمة لأغنية (gel) تغنيها المطربة التركية بولنت أرسوي".

واستطرد: "هناك أغانٍ عربية أصلها تركي مثل أغنية لإبراهيم تاتلي سيس (hesabım var) غنيت بالعربية (حلوي الدنيا حلوي سوا)، وكثير من غير هذه الأغاني".

** الموسيقى تكسر الحواجز

وعن أهمية الموسيقى في كسر الحواجز بين الشعوب، ذكر غيث: "لاحظت أن الموسيقى تقرب الناس أكثر من بعضها (..) في الموسيقى هناك لغة تجمع وهذا يكفي".

وزاد: "احتككت بكثير من الموسيقيين الأتراك وأطمح بأن يكون لدينا عمل مشترك، هناك أكثر من مشروع حصل بين الموسيقيين الأتراك والسوريين، منها من حلب إلى إسطنبول".

وأردف: "هو عمل مشترك مجموعة من العازفين السوريين على عدة آلات مع الأستاذ التركي غوكسيل باكتغير، عزفوا موشح (يمر عجبا) للمطرب السوري العريق صباح فخري، وكان المشروع ناجحا".

وتابع: "كان الجمهور معجبا بنتيجة العمل، وهو يؤدي لتقارب الشعوب فنيا وثقافيا واجتماعيا".

وختم بالقول: "عند عزف لحن معين وأنت غريب عني، وتعجب باللحن، فتحبني مما يكسر كل الحواجز عبر الموسيقى".