عقب مقتل ديبي.. تخوفات سودانية من فوضى على حدودها الغربية (تحليل)

- السودانيون يترقبون تطورات متسارعة تشهدها الجارة الحدودية تشاد غداة إعلان مقتل رئيسها إدريس ديبي

2021-04-21 17:47:10
Sudan

الخرطوم/ عادل عبد الرحيم/ الأناضول

- السودانيون يترقبون تطورات متسارعة تشهدها الجارة الحدودية تشاد غداة إعلان مقتل رئيسها إدريس ديبي

- السودان يبدو أكثر تأثرا بمجريات الأحداث باعتبار تشاد الجارة الغربية له، وتتاخم إقليم دارفور الذي يعاني هشاشة أمنية

- بعض المحللين يرون أن تأثير مقتله قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، لدوره في محاربة الإرهاب

يترقب السودانيون التطورات المتسارعة التي تشهدها الجارة تشاد، غداة إعلان مقتل رئيسها إدريس ديبي الذي حكم البلاد لمدة 30 عاما، وسط قلق من حدوث حالة فوضى على حدودهم الغربية.

وعقب مقتل والده، تولى محمد نجل الرئيس ديبي السلطة في البلاد على رأس مجلس عسكري مع استمرار المعارك بين القوات الحكومية والمعارضة المتمردة بقيادة جبهة "التناوب والتوافق" التي قالت الأربعاء، إنها مستمرة في الزحف نحو العاصمة نجمينا.

والثلاثاء، أعلن جيش تشاد تكوين مجلس عسكري انتقالي لإدارة البلاد برئاسة محمد ديبي، عقب مقتل والده متأثرا بجروح أصيب بها أثناء تواجده في ساحة المعارك بمواجهة متمردين شمالي البلاد.

ويبدو السودان أكثر تأثرا بمجريات الأحداث باعتبار أن تشاد الجارة الغربية له، وتتاخم إقليم دارفور الذي يعاني من هشاشة أمنية وعدم استقرار منذ عقود.

ويشهد إقليم "دارفور" نزاعا مسلحا بين الجيش السوداني والحركات المسلحة، خلف 300 ألف قتيل وشرد نحو 2.5 مليون شخص، الآلاف منهم لجؤوا إلى تشاد، بحسب إحصائيات أممية.

** حذر وترقب

وحذر حاكم ولاية غرب دارفور محمد عبد الله الدومة، الأربعاء، من دخول لاجئين تشاديين إلى ولايته الواقعة غربي السودان.

وأضاف أن حكومة ولايته "تتحسب لكل شيء، والأجهزة المختصة ستتخذ إجراءات (لم يحددها) في غضون الساعات القادمة لتأمين الحدود بين البلدين".

فيما دعت وزارة الخارجية السودانية كل الأطراف في تشاد إلى التهدئة ووقف القتال.

وقالت في بيان الثلاثاء: "نتابع بقلق بالغ تطوُّراتِ الأحداث في الشقيقة تشاد، والصراع المحتدم بين القوات الحكومية وقوات المعارضة على السلطة".

فيما نعى مجلس السيادة السوداني، الرئيس ديبي، لافتا إلى دور الراحل في استقرار السودان والمنطقة ودعمه للوصول إلى سلام شامل في السودان.

كما نعت كثير من الحركات المسلحة في دارفور التي تربطها علاقات جيدة بالحكومة التشادية ورئيسها القتيل.

والثلاثاء، بحث بيرتس فولكر، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة في السودان "يونيتامس"، مع نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تطورات الأوضاع في تشاد، على خلفية مقتل ديبي، والمعارك التي تدور بين الحكومية والمعارضة، ومدى تأثير ذلك على الأوضاع في السودان والمنطقة.

وبحسب بيان أصدره المجلس، أكد فولكر وحميدتي على أهمية التهدئة حفاظاً على استقرار تشاد.

** قلق الخرطوم

والخرطوم لديها الحق في القلق مما يحدث في تشاد، بحسب كثير من المراقبين، استنادا على وقائع سابقة، فالحدود بينهما لم تشهد استقرارا إلا عقب توقيع اتفاق بين حكومتي السودان وتشاد عام 2009 ألزمهما بوقف أي دعم للمتمردين من البلد الآخر، كما نشر البلدان قوات مشتركة لحفظ الحدود.

وتنتشر قوات سودانية تشادية مشتركة في نحو 20 موقع بين البلدين لتأمين الحدود، ومنع أي طرف من دعم المتمردين في الطرف الآخر، حيث كان البلدان يتبادلان اتهامات في هذا الشأن.

ووقع البلدان الاتفاق الأمني بعد عام من دخول حركة "العدل والمساواة" (أقوى حركات دارفور) للعاصمة الخرطوم في مايو/ أيار 2008، بدعم تشادي، حسب ما أشارت تقارير حكومية آنذاك، وذلك بعد شهور من دخول المتمردين التشاديين العاصمة نجامينا، ومحاصرتهم القصر الرئاسي في فبراير/ شباط من ذات العام، بدعم من الخرطوم حسب ما ادعته نجامينا وقتها.

وحذر رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل، من تأثر السودان بحالة عدم استقرار الأوضاع فيها بعد مقتل الرئيس ديبي، واستمرار الصراع الدائر بين العرب والقبائل الإفريقية، بحسب وكالة الأنباء السودانية.

وقال الفاضل الثلاثاء "عدم الاستقرار في تشاد ينعكس تلقائياً على السودان ويسبب عدم الاستقرار في دارفور".

وقال إن الرئيس ديبي خلق استقرارا في تشاد وكان حريصاً على السلام والمصالحة بين العرب والقبائل الإفريقية في دارفور لأنها تنعكس على المصالحة بين العرب والقبائل الإفريقية في تشاد.

وبين حين وآخر، تشهد مناطق عدة في دارفور اقتتالا دمويا بين القبائل العربية والإفريقية، ضمن صراعات على الأرض والموارد ومسارات الرعي.

** التداخل الاجتماعي

في أكتوبر/ تشرين الأول 2013 جرى تحت رعاية الراحل ديبي مؤتمر في منطقة "أم جرس" التشادية على الحدود مع السودان، ضم زعماء قبيلة "الزغاوة" الممتدة على جانبي الحدود، وهي إحدى أكبر القبائل في دارفور وتشاد وينحدر منها ديبي.

وهدف المؤتمر لأن تلعب القبيلة دورا في تعزيز أمن الإقليم، حيث يهيمن أبناؤها على قيادة أكبر حركتين من أصل 3 تحارب الحكومة، وهي "العدل والمساواة" بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة "تحرير السودان" بقيادة أركو مناوي، فيما ينتمى عبد الواحد محمد نور إلى قبيلة "الفور" .

يرى المحلل المختص في الشأن الإفريقي السوداني عبد المنعم أبو إدريس، أنه "إذا لم يكن هناك عامل خارجي لخلق التوازن في تشاد فلن تستقر، وستستمر المناوشات، وهذا يؤثر على استقرار السودان".

وأضاف في حديثه للأناضول: "عدم الاستقرار في تشاد يؤثر على السودان بشكل كبير، والتداخل الاجتماعي لقبائل دارفور وتشاد كبير، ومعظم قبائل دارفور لها امتدادات في تشاد".

ويشير أبو إدريس إلى أن تأثير القبيلة في صراع نجامينا قد يمتد إلى السودان، باعتبار أن التنظيمات في تشاد تقوم على أساس القبيلة.

وتابع: "تأثير الحكومة التشادية في الخريطة السياسية بدارفور توضح ذلك في فترة رئاسة ديبي التي تميزت بعلاقات مع معظم حركات دارفور، واذا استمر المجلس العسكري في تشاد برئاسة محمد إدريس سيستمر تحالف نجمينا مع الحركات المسلحة".

** بعد آخر

يرى بعض المحللين أن تأثير مقتل ديبي وعدم الاستقرار في تشاد قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة بأكملها، لدور ديبي الرئيسي في محاربة الإرهاب في المنطقة.

ويقول المحلل السياسي السوداني عبدالله رزق، للأناضول إن غياب ديبي سيشكل خسارة كبيرة لحركات الكفاح المسلح بدارفور، التي أصبحت جزءا من نسيج السلطة الانتقالية في السودان بعد مفاوضات جوبا، والتي فقدت من قبل، مواطئ أقدامها في ليبيا ( في الإشارة للحركات المسلحة).

وأضاف "مثلما يشكل خسارة كبيرة لتحالف المعارضة في جمهورية إفريقيا الوسطي، الذي يتزعمه الرئيس الأسبق فرانسوا بوزيزيه، والذي حملته الرماح التشادية، في وقت سابق، لقمة السلطة في بانغي".

وأشار إلى أن مقتل الرئيس ديبي ينعش نظرية المؤامرة بشأن إعادة ترتيب المنطقة من جديد، وأن الفوضى هي الأقرب لملء الفراغ الذي خلفه مقتل ديبي، على مستوى تشاد، ومستوى الإقليم، والساحل الإفريقي.