ترسيم حدود لبنان وإسرائيل.. هل يسهم بتراجع دور إيران أم يعززه؟

مؤشرات كثيرة تفيد بأن اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بات شبه جاهز بناء على مقترح قدمته الوساطة الأمريكية.

2022-10-05 13:54:38
Lebanon

بيروت/ نعيم برجاوي/ الأناضول- لبنان وإسرائيل وافقا على مقترح اتفاق قدمه الوسيط الأمريكي.. بيروت تقول إنها حصلت على كامل المنطقة المتنازع عليها.. وتل أبيب تعتقد أن الاتفاق سيُضعف اعتماد لبنان على إيران

- المحلل السياسي طوني بولس: الاتفاق يعطي مكاسب لإيران على حساب الشعب اللبناني.. الاتفاق مجحف بحق لبنان ويعطي كمية غاز لإسرائيل بينما حقل "قانا" غير مُكتشف بعد

- المحلل السياسي قاسم قصير: الاتفاق سيرفع "الفيتو" عن تلقي لبنان مساعدات خارجية وسيزيد من دور طهران و"حزب الله" في البلاد خصوصا وأنهما دعما موقف بيروت في ملف الحدود البحرية

- الكاتب السياسي فيصل عبد الساتر: الإنجاز الذي تحقق للبنان ساهم فيه "حزب الله" فهو الذي أجبر إسرائيل على الرضوخ وما تحقق ليس له علاقة بإيران ولا بأي بلد آخر وما حصل لمصلحة اللبنانيين

- المحلل الصحافي منير الربيع "هذا الامر لا يعني ان واشنطن تريد ابعاد "حزب الله" او لبنان عن ايران بل تكريس نفوذ الحزب بهذه المنطقة باعتراف اميركي

مؤشرات كثيرة تفيد بأن اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بات شبه جاهز بناء على مقترح قدمته الوساطة الأمريكية.

وعليه تتجه الأنظار إلى التبعات السياسية لهذا الاتفاق المرتقب وتأثيره على التوازنات الإقليمية، وفي القلب منها دور إيران.

وقبل عامين انطلقت مفاوضات غير مباشرة بين بيروت وتل أبيب بوساطة أمريكية وبرعاية الأمم المتحدة لفض نزاع حول منطقة في البحر المتوسط غنية بالنفط والغاز الطبيعي.

والإثنين، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن "الأمور تسير على الطريق الصحيح".

ووفقا لمقترح قدمته واشنطن إلى لبيروت عبر الوسيط الأمريكي آموس هوكستين، فإن الاتفاق المحتمل يضمن للبنان كامل المنطقة المتنازع عليها والبالغة مساحتها حوالي 860 كيلومترا، بحسب تصريحات مسؤولين لبنانيين.

وقال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بو صعب، الإثنين، إن "هناك توازن بالتعاطي بين لبنان والعدو الإسرائيلي، وقد تكرّس ذلك بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة (حزب الله).. ولبنان حصل على كامل حقوقه".

** إيران و"حزب الله"

في المقابل عبّر وزير الطاقة الإسرائيلي السابق يوفال شتاينيتس عن "دهشته لسماع أن اللبنانيين سيحصلون على مئة في المئة من المنطقة المتنازع عليها وإسرائيل صفر".

وفق مسؤولين إسرائيليين فإن "المصلحة الإسرائيلية" تكمن في إبعاد لبنان عن فلك إيران.

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد الأحد أن "الاتفاق سيُضعف اعتماد لبنان على إيران وسيكبح جماح (جماعة) حزب الله (اللبنانية)".

وتتهم تل أبيب وعواصم إقليمية وغربية، بينها واشنطن، جماعة "حزب الله" اللبنانية بالسيطرة على مؤسسات الدولة لصالح حليفتها إيران، وهو ما تنفي الجماعة وطهران صحته.

كما رأى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أن "الاتفاق المحتمل اقتصادي في جوهره، لكنه قد يعزز الاستقرار والردع ويُضعف اعتماد لبنان على إيران التي تزوده بالوقود وبسلع أخرى".

في المقابل، فإن خبراء استبعدوا ان تكون واشنطن تهدف من خلال هذا الاتفاق الى إبعاد النفوذ الايراني عن لبنان.

وقال المحلل السياسي منير الربيع ان الهدف من ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، هو تأمين الغاز لأوروبا وتوجيه رسالة لروسيا من خلال ذلك.

كما يهدف الاتفاق أساسا الى حفظ الاستقرار وضمان أمن إسرائيل، انطلاقاً من جنوب لبنان، والسماح لها باستخراج الغاز، وفق المتحدث ذاته.

** مكاسب إيرانية

على عكس ما تأمله تل أبيب، استبعد المحلل السياسي طوني بولس، في حديث للأناضول، "أن يخفف الاتفاق المحتمل من تبعية لبنان لإيران.. ما هو ظاهر أن الاتفاق يعطي مكاسب لإيران على حساب الشعب اللبناني".

وتابع: "من الواضح أن الاتفاق الذي حصل هو بين إيران وإسرائيل أكثر مما هو بين لبنان وإسرائيل، لا سيما أن نتائجه بدأت تظهر في إيران".

واستطرد: "شاهدنا كيف تم إطلاق سراح معتقلين أمريكيين لدى إيران، كما أن هناك حديث حول نية واشنطن الإفراج عن حسابات مصرفية محتجزة للنظام الإيراني".

وأردف: "هناك أيضا معلومات عن إعطاء ضوء أخضر أمريكي لإيران من أجل تصدير مزيد من نفطها إلى الخارج، بجانب اتفاقيات بين طهران والحكومة اللبنانية لتصدير النفط إلى لبنان".

كل هذه المعطيات، بحسب بولس، تفيد بأن "الاتفاق أُبرم هناك (مع طهران)".

وأكثر من مرة، هدد نصر الله بأن جماعته (التي تملك ترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ) قادرة على منع إسرائيل من استخراج الغاز، في حال لم يحصل لبنان على حقوق النفطية من المنطقة الحدودية البحرية.

** تعزيز دور طهران و"حزب الله"

متفقا مع بوليس، رأى المحلل السياسي قاسم قصير أن "الاتفاق إن حصل لن يكون له أي تأثير على علاقات لبنان بإيران، بل سيساعد في تعزيز العلاقات بين البلدين".

وأضاف قصير للأناضول أن "الاتفاق سيرفع "الفيتو" (الأمريكي) عن تلقي لبنان مساعدات خارجية، كما سيزيد من دور طهران وحزب الله في لبنان، خصوصا وأن حزب الله ومن خلفه إيران دعما موقف الدولة اللبنانية بهذا الملف".

واعتبر أن "المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين يحاولون تبرير التنازل (عن الخط 23) لصالح لبنان بأن ذلك سيؤدي لتراجع دور إيران، لكن هذا غير صحيح".

وفي 24 سبتمبر / أيلول الماضي، عبَّر مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، في تصريح صحفي، عن اعتقاده بأن الإدارة الأمريكية الحالية لن تعاقب لبنان في حال استيراده الوقود من إيران.

والأسبوع الماضي، بحث وفد لبناني مع مسؤولين إيرانيين في طهران إمكانية تزويد لبنان بالوقود لتشغيل معامل الطاقة، حيث يعاني لبنان نقصا حادا في هذه الإمدادات.

** معادلة "حزب الله"

أما الكاتب السياسي فيصل عبد الساتر فرأى أن الإنجاز الذي تحقق للبنان ساهم فيه "حزب الله" من خلال المعادلة التي رسمها، وهي حصول لبنان على حقوقه النفطية أولا، مقابل استخراج إسرائيل الغاز من حقل "كاريش".

وتابع عبد الساتر، وهو مقرب من "حزب الله"، في حديث للأناضول، أن "الكل يعلم أن العدو الإسرائيلي لا يسأل على حقوق أحد إلا إذا كان هناك من يهدده ويخيفه، وهذا ما فعلته المقاومة من خلال الطائرات المسيرة والفيديوهات الحربية التي رصدت منصات كاريش وأكدت أنها تحت نيرانها".

واعتبر أن "حزب الله هو الذي أجبر إسرائيل على الرضوخ، وما تحقق ليس له علاقة بإيران ولا بأي بلد آخر.. ما حصل هو لمصلحة اللبنانيين".

وأطلق "حزب الله"، في يوليو/ تموز الماضي، 3 طائرات مسيرة تجاه حقل "كاريش" حيث تستعد منصات وسفن إسرائيلية لاستخراج الغاز منه، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اعترض هذه الطائرات.

وفي الشهر ذاته، نشرت وسائل إعلام لبنانية، نقلا عن "حزب الله"، مقطعا مصورا مدته دقيقة و16 ثانية يوضح أن سفن استخراج الغاز لصالح إسرائيل تحت مرمى صواريخه.