تغيير مسار إجباري.. من التعليم إلى صناعة المناقيش اللبنانية

أجبرت الأزمة الاقتصادية التي تضرب لبنان منذ اكثر من 3 سنوات ناريمان الناشف وماري متى على تغيير حياتهما والعمل في فرن للمناقيش في إحدى بلدات قضاء صيدا جنوبي البلاد لتحسين ظروفهما المعيشية.

2022-09-30 10:05:30
Lebanon

صيدا/وسيم سيف الدين/الاناضول- ألقى تراجع العملة اللبنانية أمام الدولار وتدني الرواتب بظلاله على كافة شرائح المجتمع

- أجبر بعض المواطنين على تغيير مهنهم سعيا لتحسين وضعهم المعيشي.

أجبرت الأزمة الاقتصادية التي تضرب لبنان منذ اكثر من 3 سنوات ناريمان الناشف وماري متى على تغيير حياتهما والعمل في فرن للمناقيش في إحدى بلدات قضاء صيدا جنوبي البلاد لتحسين ظروفهما المعيشية.

وألقى تراجع العملة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي وتدني قيمة الرواتب بظلاله على كافة شرائح المجتمع اللبناني ما أجبر بعض المواطنين على تغيير مهنهم سعيا لتحسين وضعهم المعيشي.

ناريمان (28 عاما) ابنة بلدة مغدوشا في قضاء صيدا كانت معلمة لغة عربية في إحدى المدارس الخاصة بالمنطقة وهي من الذين أجبرتهم الأزمة الاقتصادية وتدني قيمة رواتبهم على تغيير مهنتها إلى عاملة في فرن للمناقيش يملكه ابن عمها.

ناريمان أوضحت للأناضول سبب انتقالها من التعليم إلى العمل في خبز المناقيش والبيتزا قائلة:" المدرسة التي كنت أعمل فيها توقفت منذ سنة عن دفع راتبي الشهري الذي لم يعد له قيمة بعد ارتفاع الأسعار في كل شيء".

وأضافت: "نحن في هذه الظروف بحاجة إلى أن يكون لنا كل أسبوع راتب بدل كل شهر بسبب ارتفاع الاسعار والدولار وأنا أعمل في هذا الفرن منذ 6 اشهر".

ولفتت ناريمان، إلى أنها "قامت بالبحث عن عمل جديدة كثيرا ولكن دون جدوى بعد ذلك قررت التأقلم مع الواقع والعمل بالفرن من أجل العيش بكرامة ".

وأشارت إلى أنها "بدأت تتعلم صنع العجين خطوة خطوة حتى استملت كافة الأعمال في الفرن الآن".

وأوضحت ناريمان، أنها "منذ أكثر من خمس سنوات وهي تعمل في تدريس اللغة العربية في العديد من المدارس الخاصة بمنطقتها"، معربة إزاء ما وصلت إليه اليوم فكل ما قمت به لم يوصلني إلى نتيجة في نهاية المطاف".

ولفتت إلى أن "المردود المادي من خلال عملي في الفرن أفضل بكثير من راتبي عندما كنت معلمة وخاصة في الكثير من الأحيان لا يدفع الراتب بانتظام وتتدنى قيمته مع الارتفاع المستمر للدولار ولم يعد يكفي في هذه الظروف الصعبة".

وقالت ناريمان: "أعيش مع أهلي في المنزل وأنا وأخي نصرف على البيت، ورواتبنا لا تكفي فكنت دائما بحاجة إلى عمل إضافي أما الآن من خلال عملي في الفرن أصبحت الأمور أفضل".

وأشارت إلى أنها "لا تريد جميع ثروة من المال وإنما تريد أن لا تكون بحاجة لأحد"، لافتة إلى أنها "لا تخجل من العمل بالفرن لأنها بالنهاية مهنة".

وناريمان، ليست الوحيدة التي تعمل في الفرن، إذ تشاطرها طالبة الأدب الإنكليزي في الجامعية اللبنانية الحكومية ماري متى (20 عاما) التي تقول للأناضول: "أعمل بانتظار أن تعود الجامعة اللبنانية (حكومية) إلى التدريس مجدداً"، مشيرة إلى أنه "منذ العام الماضي وهناك إضراب للأستاذة فيها".

وقالت: "جراء الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلاد نتأخر في التخرج من جامعتنا بسبب التعطيل الدائم".

وأضافت ماري التي بدأت العمل في الفرن منذ شهرين، إن İهناك الكثير من الزبائن تستغرب من عمل فتاتين في فرن قرب النار والتي تعتبر بالأصل حكرا على الرجال".

ويطالب المعلمون بزيادة رواتبهم على إثر الغلاء المعيشي الذي تعاني منه البلاد عقب تدهور قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار بنسبة نحو 90 في المئة منذ أواخر 2019‎.

وأعلن وزير التربية عباس الحلبي في 26 أغسطس/ آب الماضي تأجيل بدء التدريس للعام الدراسي 2021-2022 في المدارس من 27 سبتمبر/ أيلول الحالي إلى 11 أكتوبر/تشرين الأول المقبل؛ وذلك "إفساحا في المجال لمتابعة الحوار البناء مع ممثلي المعلمين المضربين" وفق بيان له.

واعرب صاحب الفرن دونالد الناشف عن "ساعدته لأن ابنة عمه ناريمان وافقت على العمل معه ومساعدته هي والطالبة الجامعية ماري لأنهما تتقنان العمل والزبائن يحبونهما".

وقال إن "الزبائن رحبوا بعمل الفتاتين في الفرن والذي يعتبر كانطلاقة لهما في الحياة وتجربة أولى في سوق العمل".

وبحسب مصدر في وزارة التربية، فإن متوسط رواتب المعلمين مليون و800 الف ليرة لبنانية بما يعادل 1200 دولار قبل الأزمة في العام 2019، أما الآن من دون الزيادات التي أقرتها الحكومة فإنها لا تتجاوز 40 إلى 50 دولا شهريا.

ومنذ العام 2019، يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، أدّت إلى انهيار قياسيّ في قيمة العملة المحلية الليرة مقابل الدولار، وشحّ في الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى، بجانب هبوط حادّ بالقدرة الشرائية لمواطنيه.