اعتداءات أرمينيا.. محاولة لإجهاض السلام مع أذربيجان

جاود ولييف، الدكتور في مركز تحليل العلاقات الدولية:- أرمينيا مستاءة من مسار محادثات السلام مع أذربيجان وتحاول إجهاضها.

2022-09-24 10:39:13
Istanbul

إسطنبول/ الدكتور جاود ولييف/ الأناضولجاود ولييف، الدكتور في مركز تحليل العلاقات الدولية:

- أرمينيا مستاءة من مسار محادثات السلام مع أذربيجان وتحاول إجهاضها.

- اقترحت أذربيجان على أرمينيا خمسة مبادئ رئيسية للتفاوض على اتفاقية سلام نهائي.

- المقترحات هي تبادل الاعتراف بوحدة أراضي الدولتين، وعدم مطالبة أي من هاتين الدولتين بأراضٍ من الدولة الأخرى.

- فضلا عن عدم استخدام القوة في حل الخلافات، وفتح خطوط الاتصالات والنقل، وإقامة علاقات دبلوماسية مع ترسيم الحدود.

فقد 77 جنديا أذربيجانيا و135 من الجيش الأرميني حياتهم، نتيجة للهجمات الأرمينية على حدود أذربيجان، خلال الفترة بين 12 و14 سبتمبر/ أيلول الجاري.

وأرجعت وزارتا الدفاع والشؤون الخارجية الأذربيجانية من خلال بياناتها أسباب تجدد الاشتباكات لسببين، الأول انتهاك الجانب الأرميني لوقف إطلاق النار، ومخرجات اجتماع بروكسل في 31 أغسطس/ آب الماضي.

والسبب الثاني تسلل قوات أرمينية إلى داخل الأراضي الأذربيجانية ليلة 13 سبتمبر، وقيامها بزرع الألغام ومهاجمة المواقع الأذربيجانية بأسلحة ثقيلة.

** أرمينيا تجهض السلام

وبعد وساطة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، واجتماع بروكسل الرابع بين رئيس أذربيجان إلهام علييف، ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، في 31 أغسطس، ازدادت الآمال في إمكانية توقيع اتفاق سلام نهائي بين الطرفين.

هنا لا بد من الإشارة أن إعداد النصوص الخاصة باتفاقية السلام من قبل أذربيجان وأرمينيا في غضون شهر واحد والإعلان عن اجتماع آخر في بروكسل في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، كان أحد أهم قرارات اجتماع بروكسل سابق الذكر.

فيما تحدث الرئيس الأذربيجاني في هذا الإطار، عن إمكانية توقيع اتفاق سلام نهائي بين الطرفين في نوفمبر المقبل، إذا استوفت أرمينيا الشروط المطلوبة. وكدليل على حسن النية، قام الجانب الأذربيجاني بتسليم أرمينيا 5 من جنودها بعد اجتماع بروكسل، وعليه، شكلت الاعتداءات الأرمينية ضد أذربيجان مفاجئة في ظل التقدم الذي شهدته محادثات السلام بين البلدين.

ومع ذلك، بدأت أرمينيا بنشاط العمل على إجهاض محادثات السلام الإيجابية بعد أيام قليلة من اجتماع بروكسل، وعلى سبيل المثال، في 2 سبتمبر، نشر رئيس وزراء أرمينيا، رسالة بمناسبة ما يسمى ذكرى استقلال "حكومة قره باغ" التي أسستها أرمينيا أثناء احتلالها لأراضٍ أذربيجانية.

بعد ذلك، توجه رئيس مجلس الأمن القومي الأرميني أرمين غريغوريان إلى قره باغ حيث توجد قوات حفظ السلام الروسية، في خطوة تهدف في الأساس لإجهاض مفاوضات السلام.

وهنا نستطيع القول إن السبب الرئيسي لهذه الخطوات كان استياء أرمينيا من مسار محادثات السلام الجارية، فبعد حرب 2020، مشى البلدان في مسار عملية السلام وتطبيع العلاقات الثنائية، أولاً عبر موسكو ثم بروكسل.

وكانت البيانات والمطالب التي تم الإدلاء بها من قبل باكو خلال تلك المحادثات أكثر انسجاما وجنوحًا نحو تحقيق السلام، كما اقترح الرئيس الأذربيجاني علييف توقيع اتفاق سلام دائم بين الطرفين.

وفي فبراير/ شباط 2022، اقترحت أذربيجان على أرمينيا خمسة مبادئ رئيسية للتفاوض على اتفاقية سلام نهائي هي: تبادل الاعتراف بوحدة أراضي الدولتين، وعدم مطالبة أي من هاتين الدولتين بأراضٍ من الدولة الأخرى، وعدم استخدام القوة في حل الخلافات، وفتح خطوط الاتصالات والنقل، وإقامة علاقات دبلوماسية مع ترسيم الحدود.

المبادئ التي اقترحتها أذربيجان لم ترضي أرمينيا، فعلى سبيل المثال، أعلن نيكول باشينيان، أن يريفان لن تمنح ممرًا لباكو (ممر زنكازور) ولن تعترف بقره باغ أراضٍ أذربيجانية، في محاولة لحشد التأييد وكسب دعم الشارع الأرميني وعدم التوقيع على اتفاق سلام في ظل الظروف الحالية والعمل على انتظار تغير الوضع الجيوسياسي في المنطقة.

في الواقع، دأبت أرمينيا حتى هذا التاريخ، على الظهور كمشارك في المفاوضات الدبلوماسية المستمرة، إلا أنها تحاول في الوقت نفسه العمل على تأخير أي توقيع على اتفاقية نهائية وإطلاق زعمائها السياسيين تصريحات متناقضة حول محادثات السلام الجارية. باختصار، الهجوم الأخير الذي شنته أرمينيا يأتي في هذا الإطار كجزء من الجهود المبذولة لعرقلة محادثات السلام.

من ناحية أخرى، تم استبعاد الدول التي دافعت عن أطروحات أرمينيا من مفاوضات موسكو وبروكسل. فعلى سبيل المثال، لم يتم تضمين الولايات المتحدة وفرنسا في هذه المفاوضات، فيما قامت واشنطن بتعيين ممثل لها في مجموعة "مينسك"، وهو ما لا تقبله أذربيجان على الإطلاق، كما أجرت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي زيارة إلى أرمينيا، وأطلقت من هناك رسائل دعم للمطامع الأرمينية في أذربيجان.

يأتي هذا أيضا بالتوازي مع استمرار الجهود الإيرانية لبيع الطائرات المسيرة المسلحة إلى أرمينيا، وكل هذه الخطوات يمكن اعتبارها بمثابة دعم صريح لأرمينيا من أجل عدم التوقيع على اتفاقية سلام ومواصلة الاعتداءات التي تمارسها ضد أذربيجان.

** أرمينيا تعود بخفي حنين

إن ما حدث بعد الاعتداءات الأرمينية الأخيرة ضد أذربيجان، أظهر أن يريفان كانت مستعدة لهذا الهجوم وأنها كانت ترتب مسبقًا لهذه العملية.

في واقع الأمر، وبعد الهجوم الأرميني، اتصل باشينيان على الفور بسلطات الدول التي يمكنه الحصول على دعمها، وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا وإيران وروسيا.

وأسفرت تلك الاتصالات عن تصريحات داعمة لموقف يريفان من قبل وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فيما حظيت مواقف أذربيجان بدعم تركيا ومنظمة الدول التركية ومنظمة التعاون الإسلامي.

وفي هذا الإطار، تقدمت أرمينيا بطلب إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمة "معاهدة الأمن الجماعي"، وتمكنت بدعمٍ من فرنسا، من طرح رؤيتها أمام مجلس الأمن بين 14-15 سبتمبر/ أيلول الجاري، لكنها عادت بخفي حنين ولم تتمكن من تحقيق النتيجة المرجوة.

ولم يتخذ مجلس الأمن الدولي قرارًا محددًا ولم يدلي أحد من أعضائه، باستثناء فرنسا، بأي تصريحات داعمة للرؤية الأرمينية.

* جاود ولييف، خبير في مركز تحليل العلاقات الدولية.

* الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية للأناضول.