غير آبه بالمخاطر.. فلسطيني يعيش وسط تجمع استيطاني

- الستيني محمد عابدة استطاع أن يقاوم الاستيطان بالحفاظ على الأرض وزراعتها بالفاكهة

2022-08-18 09:32:44
Ramallah

بيت لحم/ قيس أبو سمرة/ الأناضول- الستيني محمد عابدة استطاع أن يقاوم الاستيطان بالحفاظ على الأرض وزراعتها بالفاكهة

- تقع أرض عابدة وسط تجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني بالضفة الغربية

- تعرض لمضايقات عديدة ورفض عروض إسرائيلية لبيع أرضه

- فقد شقيقه ووالدته برصاص الجيش الإسرائيلي في العام 2002

- ورث الأرض عن جده ويوصي أبناءه بالحفاظ عليها

وسط تجمع استيطاني إسرائيلي يعيش الفلسطيني محمد عابده (60 عاما) غير آبه بالمخاطر، محافظا على أرض ورثها من والده وتشكل اليوم "شوكة في حلق الاستيطان" بحسب ما يقول للأناضول.

ويعيش عابده، ومعه 3 عائلات في تجمع فلسطيني يتبع محافظة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، في بيوت شيدت منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة بما فيها مدينة القدس الشرقية عام 1967.

وحول عابده أرضه البالغ مساحتها نحو 38 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع)، إلى بساتين من العنب والتفاح، والزيتون.

وتقع المنازل والمزرعة إلى الجنوب الغربي من بيت لحم وسط تجمع "غوش عتصيون" الاستيطاني الإسرائيلي.

وتضم كتلة "غوش عتصيون" 18 مستوطنة، تم الشروع بإقامة أولاها مع بدء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967.

**تفرغ للأرض

ومنذ العام 1992 وعابده متفرغ للعمل في تلك الأراضي، بعد أن كان يملك مطبعة خاصة في بيت لحم.

ويقول: "أنفقت أموالا طائلة في استصلاح تلك الأراضي التي باتت اليوم بساتين تنتج عدة أصناف من الفاكهة أبرزها التفاح والعنب".

ويلفت عابده، إلى أنه "استطاع الحفاظ على أرضه بالصمود فيها، والاستثمار فيها عبر الزراعة".

ويضيف: "يمكن أن تقاوم بكل شيء، بصمودك في أرضك وزراعة الأشجار".

وكان عابده قد فقد شقيقه ووالدته برصاص الجيش الإسرائيلي في العام 2002، حينما اجتاحت القوات الإسرائيلية بيت لحم، وحاصرت عدد من المسلحين الفلسطينيين في كنيسة المهد، قبل أن تبعدهم إلى خارج الضفة الغربية.

**ثبات في الأرض

ويردف عابدة: "هنا يمكن أن نعيش من ثمار الأرض، نزرع ونأكل من انتاجها، كل شي موجود".

ويلفت إلى أن مزرعته بمثابة "روحه وحياته وقد دفع ثمنها من عرق جبينه وجسده".

وبات عابده اليوم، "غير قادر على العمل بالمزرعة بسبب أمراض في العمود الفقري، لذا يستعين بعمال طوال العام" وفق ما يقول".

ويشير إلى أنه "في بعض الأوقات يعمل في المزرعة نحو 14 عاملا، بينهم ثلاثة بشكل دائم".

**رفض عروض إسرائيلية

ويلفت إلى أن إسرائيل بدأت في العام 1993 بتشييد مستوطنات في محيط مزرعته، حتى بات اليوم محاط بشكل كامل من الجهات الأربع.

يسير عابده في بستانه يتفقد أشجار عنب أوشكت على النضوج، وأخرى من التفاح الأحمر.

يصل أخيرا الى نهاية حقله، حيث جدار سلكي بفصل مزرعته عن مستوطنة "أفرات"،.

ويقول: "هذا هو الاحتلال سرق أراض فلسطينية وشيد عليها بيوتا للمستوطنين، يتوسعون بشكل دائم، ويستهدفون المزارعين الفلسطينيين".

ويستدرك عبادة قائلا: "لن يستطيعون النيل مني، طوال حياتي كنت سدا منيعا أمامهم، رفضت عروضا بأموال طائلة لبيع الأرض، واستطعت أن أصمد في وجه التهديدات بالقتل والاعتقال وغيرها".

ويرد عابده على ضابط إسرائيلي ذات مرة قائلا "هذه أرضي لن يستطع أحد إخراجي منها الا الله".

ويقول إن "مسؤولين في جمعية استيطانية تتبع الوكالة اليهودية، عرضوا عليه مبالغ كبيرة لبيع الأرض، لكنه رفض".

ويضيف: إن "كل ذرة تراب في أرضه تعرفه".

وتحيط بمزرعة عابده 5 مستوطنات إسرائيلية، وللوصول إلى أرضه، وفق ما يقول، " يسلك طريقا ترابيا فرعيا من شارع استيطاني شهد في السنوات الأخيرة تنفيذ عدة عمليات دهس وطعن، وقتل فلسطينيين".

ويشير عابده، إلى أن "الشارع العام يحرسه جنود إسرائيليون على مدار الساعة، إلى جانب وجود كاميرات مراقبة تراقب كل شيء".

ويوصي عابده نجله يعقوب ابن العشر سنوات بالأرض، ويقول له "وصيتي أن يحافظ عليها، وأن لا يخون عهدي بالأرض هو وأحفادي من بعدي".

ويشدد على أن "هذه الأرض أمانة من والدي لي ولأحفادي من بعدي".

ويسكن عابده في بيت شيد قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، غير أن السلطات الإسرائيلية تمنعه من التوسع البنائي، أو تعبيد الشوارع.

وعن ذلك يقول "أنا صاحب الأرض أمنع من البناء، وبالجوار مستوطنون من مختلف دول العالم غرباء يبنون البيوت والعمارات وتوفر لهم كافة البنى التحتية".

ويضيف عابده: "الطائرات الإسرائيلية تصور كل شيء، لا يمكن لنا بناء أي إضافة على المنزل".

وتقول حركة "السلام الآن" اليسارية الإسرائيلية، إن هناك 451 ألف مستوطن في 132 مستوطنة و 147 بؤرة استيطانية بالضفة الغربية.

ولا تشمل هذه المعطيات 230 ألف مستوطن في القدس الشرقية.