المواقف الدولية من الدستور التونسي .. أي تأثيرات مستقبلية ؟ (تقرير)

برزت عدّة مواقف دولية من استفتاء 25 يوليو/ تموز تدعو لدعم الديمقراطية في تونس والحفاظ على مبدأ الحرية

2022-08-08 11:45:24
Tunisia

تونس/ يسرى ونّاس/ الأناضول

-المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي: ضغوط أجنبية تمارس على تونس بشأن الديمقراطية بدون مؤشرات على تغيير جوهري في العلاقات الخارجية..

- وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيّس: ستتضح علاقات البلاد الخارجية أكثر بعد تحوّلات في الحكومة وفق الدستور الجديد والانتخابات التشريعية المقبلة..

بعد التّصويت في تونس على اعتماد الدستور الجديد من الرئيس قيس سعيّد، برزت عدّة مواقف دولية من استفتاء 25 يوليو/ تموز تدعو لدعم الديمقراطية في تونس والحفاظ على مبدأ الحرية رغم انتقاد بعضها نسب المشاركة في الاستفتاء.

في هذا السياق، دعا الاتحاد الأوروبي السلطات المحلية إبان إعلان نتائج الاستفتاء، إلى "الحفاظ" على الحريات الأساسية وضرورة التوصل إلى "إجماع واسع" بين القوى السياسية والمجتمع المدني.

من جانبها، اعتبرت واشنطن أن الاستفتاء على الدستور "اتسم بتدني نسب المشاركة"، وقالت إنها تشاطر التونسيين انشغالهم بمسار صياغة الدستور الذي يمكن أن "يضعف" الديمقراطية في البلاد.

لم تمر تلك التصريحات دون موقف رسمي، فقال الرئيس التونسي حينها، إن بلاده "دولة حرّة مستقلّة ذات سيادة، وأن سيادتها واستقلاليتها فوق كل اعتبار"، غير انها أثارت تكهنات حول ما إذا كان الدستور الجديد سيغبر من ملامح الدبلوماسيّة التونسية ومن تعامل الخارج معها.

** تغييرات جوهرية

لا يعتقد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن الدستور الجديد سيؤدي إلى تغييرات جوهرية في علاقات تونس الخارجية.

لكن الجورشي قال للأناضول إن مضامين الدستور انعكست سلبا على علاقات تونس بالخارج، ولهذا بدأت حكومات قريبة من تونس توجّه انتقادات، وهو ما جعل الحكومة التونسية ترد بقوة".

وأوضح الجورشي: " توجد أطراف لها علاقات استراتيجية وحيوية مع تونس على غرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا تبدى مؤشرات على مخاوف من تضييق خارجي على البلاد، منها سعي كندا لتأجيل عقد القمة الفرنكوفونية المقررة بتونس في نوفمبر المقبل، أو تغيير البلد المنظم".

وتابع: " تجري حاليا مفاوضات بين كندا وفرنسا لتغيير البلد المضيف للقمة الفرنكوفونيّة بحجة عدم استقرار الأوضاع بالبلاد".

** أسباب اقتصادية

ويرى الدبلوماسي ووزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيّس أنّ الخطوط العريضة للعلاقات التونسية الخارجية ستتضح أكثر في المستقبل وفقا لتحركات الحكومة بعد اعتماد الدستور.

وقال ونيّس للأناضول: " قد يحدث تحوّل في الحكومة على أساس الدستور الجديد والانتخابات التشريعية المقبلة وعلى أساس المشهد السياسي المتغيّر".

ورأى الدبلوماسي السّابق أن "المراجعات والتعديلات المحتملة من قيس سعيّد بعد الانتخابات التشريعية القادمة ستكون لأسباب اقتصادية ومالية وليس لضغوط أجنبية".

وتابع: " المصاعب الاقتصاديّة والمالية ستفرض عليه بعض المراجعات في السياسة التونسية داخليا وخارجيا".

** الموقف الأمريكي

بخصوص العلاقات التونسية الأمريكية، يرى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أنها ستتضح أكثر مع تعيين السفير الأمريكي الجديد جوي هود الذي يضغط للعودة للحكم الديمقراطي.

وقال الجورشي إن "هذه العلاقات قد تصاب بعدة توترات بعد تصريحات السفير الأمريكي الجديد عن الديمقراطية".

من جانبه، يرى الدبلوماسي أحمد ونيّس أن "مواقف الولايات المتحدة ليست جديدة وهي نفسها منذ إعلان قيس سعيّد إجراءاته الاستثنائية وزاد التوتر أكثر قبيل موعد الاستفتاء."

وتابع: "المواقف الأمريكية تتمحور حول الخطوات التي ترى أنها تتجاوب مع الخيار الديمقراطي الذي أعلنته تونس منذ 2011 وتصب أساسا في إجراء حوار بين الرئاسة والأحزاب السياسية والنخبة".

وأردف: "الحكومة رأت في هذا الموقف تدخلا في المسائل الداخلية.. وأنا لا أراه كذلك، فهو حوار مع الدولة لتحقيق الانتقال الديمقراطي".

وزاد ونيّس: " الطرف الأمريكي ساعد تونس كثيرا بعد أن عانت من الإرهاب والسياسات الحكومية والتراجع في الأداء الاقتصادي بعد انتخابات 2011".

** دول الجوار

وفي ما يتعلق بمحور العلاقات بدول الجوار، يرى صلاح الدين الجورشي أن العلاقات مع الجزائر مثلا "مرشحة للتطور أكثر نتيجة العلاقات الطيبة بين رئيسي البلدين".

وقال : " لكن العلاقات التّونسية الليبية مرتبطة بنتائج ما يحدث على الأرض في ليبيا".

وأضاف: "تونس ستكون حذرة، رغم أن الحذر لم يكن بالدرجة المطلوبة إزاء ما يحدث في ليبيا".

ومن جانبه، قال أحمد ونيّس : "لازلنا نعاني من مشروع المغرب العربي الكبير ونأمل أن نؤسس لوحدة مغاربية".

كما اعتبر أنّ " الوضع في ليبيا غير مستقر والموقف التونسي محايد إزاءه، كما أن الجزائر متحفّظة حول بعض الخيارات الليبية كتحديد النظام السياسي المستقبلي".

وشدد ونيّس أن تونس ترى "أن الفيصل في الأزمة الليبية هي الانتخابات القاعدية دون تدخل أي عنصر أجنبي".​​​​​​​

وبخصوص السيادة الوطنية التي كثيرا ما شدد قيس سعيّد عليها في مناسبات عدّة، قال الجورشي: "يجب على أي حكومة أن تكون حذرة من التدخل في شؤون بلادها ولا يجب أن يكون ذلك نوعا من الهروب الى الأمام".

وأضاف: "السيادة الحقيقية تقوم على احترام حقوق الانسان ولا تحول دون إمكانية تطبيق نظام ديمقراطي تكون فيه السلطة للشعب".

ويعتبر الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية بدأ الرئيس قيس سعيد فرضها في 25 يوليو 2021 ومنها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

وبحسب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فإن مشروع الدستور "حظي بثقة 94.60 بالمئة من أصوات مليونين و630 ألفا و94 ناخبا شاركوا في التصويت من أصل 9 ملايين و278 ألفا و541 ناخب (30.5 بالمئة من المسجلين)".